لم يتوان الأباطرة الرومان في غيهم عن اعتبار الجماهيرمن الشعب( والجمهور باللاتينية تعني ماهو دوني ومن الدرجة الثانية )صاحب احتياجات تنحصر كلها في الخبز واللهو ,ومن هنا كانت نشأة الالعاب الرياضية الدامية في الملاعب وحلبات المصارعة مع الموتفيطرح المحكوم عليهم بالاعدام الى أضراس الحيوانت المفترسة تقضمهم قضما ,وقد كان الشعب شغوفا بتلك الالعاب متلهفا إليها تلهف الجائع للرغيف ولطالما وقعت الجماهير المضللة في حبال المصارعة مع الموت وسحرها منجرفا وراء أهوائه ,وكان ذلك عن جهل وبتحريض من الساسة زعماءوالمحاربين فقد كانوا يمرون أمام قيصرفي طريقهم الى الحرب محيين اياه هاتفين هتافا مرعبا :"لك التحية ياقيصر ممن الى الموت ذاهبون " وفي اروبا فقد كان


الحياة ,إننا لا نجهل ذلك .وإن بادت جميع السلطات السياسية الى الحث على ممارسة بعض الرياضات التي حظيت بولع كبيرمن قبل الجماهير فلم يكن ذلك بريئا ,إنه تحريض للشبيبة للاندفاع في هواية نتائجها تعد لا تذكر ,ويتجلى الامر بوضوح في بلدان العالم الثالث اذ أصبحتكرة القدم فيه بمثابة أفيون للشعوب حقا .فأضحت تسليته المفضله تشغل البؤساء عن بؤسهم وانشغالهم عما يثير الوجدان الانساني ,وفي البلدان الاوربية التي تشكو من التردي الاقتصادي ومن من وفاء البطالة التي بلغت فيها حدا قياسيا فقد فسحت كرة القدم في المجال أمام العنف أن يتدفق .وما القول عن أمريكا اللاتيية ؟ فالحالة هناك ولاسباب غنية عن التعريف تفوق غيرها من الاقطار سوءا وخطورة .ولاتسأل عن افريقبيا فالامر أفضع من ان يتصوره العقل .أما عندنا فالامر يختلف عن غيرنا .لقد دخل العنف الكروي عشية أكتوبر .انه عنف غير إجرامي .والجميع يؤثر التنكر الى هذا الواقع او التظاهر بكل صدق عن تنكره ,اذا الشبيبة تلجأ اليوم الى المظاهرة في الملاعب(في هياكل الاحتفالات الخشوعية وتفجير الشهوات )فالشبيبة في الملاعب تعبر عن استيائها وعن الشعور بشقائها لا لشيء الا لانها شبيبة تعبر عن حرمانها وعن تعاستهاولسان حال الشعارات التي ترفع يقول :"لقد تخليتم عنّا وأهملتمونا"إنها صرخة القلب المجروح وان هي دلت على شيء فعلى موقف لا يتسم بلاحرمان أو الفوضوية ؛كلا بل يتسم عن الهيجان العاطفي و يعبر به .والمفارقة الكبرى هي ان كرة القدم
فسحت المجال امام الشبيبة للتعبير عن موقف سياسي ,فأضحت الكرة مكان الرفضية السياسية ومكان استعاد النزوح الى السياسة وكان الاستفاقة والتيقظ والافاقة الى المصيبةالتي يتخبط بالمرء الى قلة حظ المرء ,والعائد الى كونه شابا ليس الا ويتم ذلك في أوطاننا فان نحن عزمنا على البحث عن الدواء لهذا فما علينا الا العمل على ايجاد حلول سياسية وإستعادة ثقة الشبيبة بنفسها والنزوح عن ترديد النصائح وتلقين العظات ,بل علينا ان نتجه إليهم بكل صدق مجنديهم في سبيل بناء مشروع يستحوذ على عواطفهم ويستفز هممهم ؛ فتعتبرهم طرفا واعيا وليس انسانا قاصرا لا يفهم الا لغة العنف ,والحديث الصادق يكون سياسيا اولايكون فعلى المسؤولين السياسيين من ذوي المراتب العليا ان يتجهوا الى الشبيبة عارضين عليهم أمور واقعية عاملين على طمأنتهم ,هذا هو باب القصيد ولا تنفع المراوغة حول (الفاف )اذ تعتبرها الشبيبة مكانا للمختلات فلا القرارات تنفع ولا المراسيم ,فشبيبتنا هي بأمس الحاجة الى التعاطف الى عطف يضاهي حجم الفؤاد اتساعا .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق